فصل: ولاية بكجور على دمشق.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.وصول ورد المنازع لملك الروم إلى ديار بكر مستجيرا.

كان ملك الروم أرمانوس لما توفي خلف ولدين صغيرين وهما بسيل وقسطنطين ونصب أحدهما للملك وعاد حينئذ الدمشق يعفور من بلاد الإسلام بعد أن عاث في نواحيها وبالغ في النكاية فاجتمع إليه الروم ونصبوه للنيابة عن ابني أرمانوس فداخلت أمهما ابن الشميشق على الدمشقية وقبض على لاوون أخي دمشق وعلى ابنه ورديس بن لاوون واعتقلهما في بعض القلاع وسار إلى يلاد الشام وأعظم فيها النكاية ومر بطرابلس فحاصرها وكان لوالده الملك أخ خصي وهو يومئذ وزير فوضع على ابن الشميشق من سقاه السم وأحس به من نقسه فأغذ السير إلى القسطنطينية فمات في طريقه وكان ورد بن منير من عظماء البطارقة في الأمر وصاهر أبا ثعلب بن حمدان واستجاش بالمسلمين من الثغور وقصد الروم ووالى عليهم الهزائم فخافه المكان وأطلقا ورديس بن لاوون وبعثاه على الجيوش لقتال الورد فقاتله فانهزم إلى ديار بكر سنة تسع وستين وثلاثمائة ونزل بظاهر ميافارقين وبعث أخاه إلى عضد الدولة مستنصرا به وبعث ملكا الروم بالقسطنطينية إلى عضد الدولة فاستمالاه فرجح جانبهما وأمر بالقبض على ورد وأصحابه فقبض عليه أبو علي التميمي عامل ديار بكر وعلى ولده وأخيه وأصحابه وأودعهم السجن بميافارقين ثم بعثهم إلى بغداد فحبسوا بها إلى أن أطلقهم بهاء الدولة بن عضد الدولة سنة خمس وسبعين وثلاثمائة وشرط عليه إطلاق عدد من المسلمين وإسلام سبعة من الحصون برساتيقها وأن لا يتعرض لبلاد المسلمين ما عاش وجهزه فسار وملك في طريقه ملطية وقوي بما فيه وصالحه ورديس بن لاوون على أن يكون قسطنطينية وجانب الشمال من الخليج له وحاصر قسطنطينية وبها الملكان ابنا أرمانوس وهما بسيل وقسطنطين في ملكها وأقرا وردا على ما بيده قليلا ثم مات وتقدم بسيل في الملك ودام عليه ملكه وحارب البلغار خمسا وثلاثين سنة وظفر بهم وأجلاهما عن بلادهم وأسكنها الروم.

.ولاية بكجور على دمشق.

قد قدمنا ولاية بكجور على حمص لأبي المعالي بن سيف الدولة وأنه عمرها وكان أهل دمشق ينتقلون إليها لما نالهم من جور قسام وما وقع بها من الغلاء والوباء وكان بكجور يحمل الأقوات من حمص تقربا إلى العزيز صاحب مصر وكاتبه في ولايتها فوعده بذلك ثم استوحش من أبي المعالي سنة ثلاث وسبعين وأرسل إلى العزيز يستنجز وعده في ولاية دمشق فمنع الوزير بن كلس من ولايته ريبة به وكان بدمشق من قبل العزيز القائد بلكين بعثه فمنع الوزير بعد قسام وساء أثر ابن كلس في الدولة واجتمع الكتاميون بمصر على التوثب بابن كلس ودعته الضرورة لاستقدام بلكين من دمشق فأمر العزيز باستقدامه وولى بكجور مكانه فدخلها في رجب سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة وأساء السيرة فيها وعاث في أصحاب الوزير بن كلس وأقام على ذلك ستا وعجز أهل دمشق منه وجهزت العساكر من مصر مع القائد منير الخادم وكوتب نزال والي طرابلس بمعاضدته فسار في العساكر وجمع بكجور عسكرا من العرب وغيرهم وخرج للقائه فهزمه منير واستأمن إليه بكجور على أن يرحل عن دمشق فأمنه ورحل إلى الرقة واستولى عليها وتسلم منير دمشق وأقام بكجور بالرقة واستولى على الرحبة وما يجاور الرقة وراسل بهاء الدولة بن عضد الدولة بالطاعة وباد الكردي المتغلب على ديار بكر والموصل بالمسير إليه وأبا المعالي سعد الدولة صاحب حلب بالعود إلى طاعته على أن يقطعه حمص فلم يحبه أحد إلى شيء فأقام بالرقة يراسل موالي سعد الدولة أبي المعالي ويستميلهم في الغدر به فأجابوه وأخبروه أن أبا المعالي مشغول بلذاته فاستمد حينئذ العزيز فكتب إلى نزال بطرابلس وغيره من ولاة الشام أن يمدوه ويكونوا في تصرفه ودس إليهم عيسى بن نسطورس النصراني وزير العزيز في المباعدة عنه لعداوته مع ابن كلس الوزير قبله وتجديدها مع ابن منصور هذا فكتب نزال إلى بكجور يواعده بذلك في يوم معلوم وأخلفه وسار بكجور من الرقة وبلغ خبر مسيره إلى أبي المعالي فسار من حلب ومعه لؤلؤ الكبير مولى أبيه وكتب إلى بكجور يستميله ويذكره الحقوق وأن يقطعه من الرقة إلى حمص فلم يقبل وكتب أبو المعالي إلى صاحب إنطاكية يستمده فأمده بجيش الروم وكتب إلى العرب الذين مع بكجور يرغبهم في الأموال والإقطاع فوعدوه خذلان بكجور عند اللقاء فلما التقى العسكران وشغل الناس بالحرب عطف العرب على سواد بكجور فنهبوه ولحقوا بأبي المعالي فاستمات بكجور وحمل على موقف أبي المعالي يريده وقد أزاله لؤلؤ عن موقفه ووقف مكانه خشية عليه وحمل ذلك فما انتهى بكجور لحملته برز إليه لؤلؤ وضربه فأثبته وأحاط به أصحابه فولى منهزما وجاء بعضهم إلى أبي المعالي فشارطه على تسليمه إليه فقبل شرطه وأحضر فقتله وسار إلى الرقة وبها سلامة الرشقي مولى بكجور وأولاده وأبو الحسن علي بن الحسين المغربي وزيره فاستأمنوا إليه فأمنهم ونزلوا عن الرقة فملكها واستكثر ما مع أولاد بكجور فقال له القاضي ابن أبي الحصين هو مالك وبكجور لا يملك شيئا ولا حنث عليك فاستصفى مالهم أجمع وشفع فيهم العزيز فأساء عليه الرد وهرب الوزير المغربي إلى مشهد علي.